قال بعض العلماء لأحد إخوانه: احذر الموت في هذه الدنيا قبل أن تصير إلى دار تتمنى فيها الموت فلا تجده. قال أبو الدرداء: إذا ذكرت الموت فعد نفسك أحدهم. قال الدّقاق: من أكثر من ذكر الموت أُكرمَ بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضا بالكفاف، والتكاسل في العبادة).
قراءة في آية: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ – جريدة عالم الثقافة – World Of Culture
وفي هذا الموقع يليق التعبير باسم الفاعل: ذائقة.. قراءة في آية: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ – جريدة عالم الثقافة – World of Culture. لما فيه من دلالة على الثّبوت، وعدم التّجدّد، يعني يقع في الدنيا مرّة واحدة، وكان التعبير باسم الفاعل المضاف الذي يعني الوقوع في الماضي لثبوت هذه الحقيقة. كقولنا: فلان فاعل خير ، بإضافة فاعل إلى خير. كيف عالجت الآية مصيبة الموت ووقعها العظيم على النّفس بعد هذه الحقيقة؟
الجزء الثاني من الآية قوله تعالى: "وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" ويأخذنا إلى أمور: 1ـ أنّ الموت ليس النّهاية، بل هو مرحلة انتقال إلى حياة أخرى ذُكر منها مشهد واحد هو يوم القيامة، لا يقال فيها بزمن، لأنّ الموت يعني أول ما يعنى توقّف الزمان والمكان والعمل وفناء الجثمان. 2ـ تردّنا الآية إلى ما قبل الموت، وهو أنّنا مكلّفون بعمل ما محاسبون عليه بعد الموت، فكأنّها تلفت انتباهنا عن مصيبة الموت من جهة، وتذكّر من هو حيّ بأنّ عليه أعمالا يجب أن يقوم بها قبل الموت.
أمّا الإنذار فيها فهو الحالة التي يتصورها المتدبّر في هذه الصورة المخيفة: يقف على شفا حفرة من نار يوشك أن يقع فيها فيزحزح عنها لينجو منها، فلك أن تتصوّر أي مشهد من مشاهد الدنيا، يوشك فيه الإنسان على الهلاك فيجد من بجذبه أو يدفعه عن سبب الهلاك فينجو ويجد نفسه فجأة في موقع آمن. ووصفت الآية هذا بالفوز، فمن يدخل الجنّة مباشرة بعمل صالح يفوز، لكنّ الفوز الذي فيه المتعة وله المكانة أن تنجو من النار بعد الإشراف على مواقعتها وتدخل الجنّة، هنا للفوز طعم آخر. أمّا القسم الرابع من الآية وهو قوله تعالى: " وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ" … فقد جاءت صريحة في التخفيف من وطأة مصيبة الموت، أولا: بوصف الدنيا بأنّها متاع الغُرور… فلا تحزن على مفارقتها بالموت… والسرّ في مصيبة الموت والحزن به هو الحرص عليها والتعلّق بها، فلا بدّ من التهوين من شأنها. ثانيًا: التحذير منها بوصف حالها، ففيها ما يغرّر بالإنسان من مال وولد وجاه وشهوة وغيرها، فينسيه العمل لما بعد الموت. أو لا يفطن للموت ويذهل عنه ولا يحسب لما بعده حسابا، ولا يعدّ للآخرة ما يزحزحه عن النار ويدخله الجنّة. اية كل نفس ذائقة الموت. والله أعلى وأعلم القدس… 21 آب 2020
شاهد أيضاً
دروس ربانية من المدرسة الرمضانية.. الصيام وقهر النفس البشرية (٣)
رضا راشد | الأزهر الشريف يعيش اﻹنسان من نفسه في عذاب دائم؛ ذلك أن هذه …