مع كل الحب". ومدّ يده إلى حافظة النقود...
سأله عن أستاذ اللغة العربية، أشار بيده إلى مجموعة أساتذة أمام مبنى الإدارة، لمحه من بينهم، ألقى تحية عليهم، مدّ يده مصافحا:" أستاذ (... )، كيف حالك ؟". وانتحى به جانبا...
– أمازلت تتذكرني، وتتذكر تفوقي في مادتك؟
أحسّ أنّ كلّ الدّنيا لا تساوي شيئا أمام لحظة مودة بين أستاذ وتلميذه رغم كل تقلبات الدهر..
انتهى لقاءهما بالاتفاق على دعوة حفل توقيع بعد شهر رمضان. لمح أستاذ مادة الجغرافيا والتاريخ، حيّاه ببرودٍ، وتجاهله قائلا إنه مشغول بأمر ما في الإدارة، اعترض طريقه أثناء عودته وهو يتوجه إلى سيارته، لمح إليه بيده أنه لا يفهم القصص...
احتقر نفسه..
كان يعرف أنه مجرد كلب عجوز مراهق: " لو سألته إحدى التلميذات عن أيّ شيء، لوزّع ابتساماته البلهاء يمينًا وشمالا. شكرًا من القلب على الإهانة أيها الـ(... )!! على الأقلّ، يفترض بك أن تحييني، كما يجب بعد غياب عقد من الزمن.. بدل أن تعاملني، كما لو كنت متسولا! "!. استشاط وكتم أنفاس غيظه، "على قلق كأن الريح تحتـ (ه)" بلغة المتنبي،
ينتظر أن ينتهي أحدهم من اجتماعاته الإدارية القصيرة، عبّر عن رغبته في الانصراف، وعدم تحمّله البقاء في المؤسسة، فطلب منه أن يترك له نسخة من الكتاب، ويكتب رقم هاتفه...
اندهش من كلام من تخيّل أنه مثقف بحكم دراسته للشريعة الإسلامية بأنه لم يعد لديه الوقت لقراءة قصص، وتتبع مسار شخوص وأحداث و.. و.. و..
– هذه قصص قصيرة وليست رواية...
– مضى زمن القراءة، كبرنا وانشغلنا بمشاغل الدنيا، المصاريف، الأسعار، الدخول المدرسي، رمضان، و.. على قلقٍ كأنَّ الريحَ تحْــتي* بقلم : محاسن الحمصي | دنيا الرأي. و..
" بائع الجرائد أجابك بأن لا وقت لديه للقراءة وكتاب أحد المفكرين - منذ سنة- لازال مغلّفا... ياه!
- على قلقٍ كأنَّ الريحَ تحْــتي* بقلم : محاسن الحمصي | دنيا الرأي
- محمود عميرة - على قلق كأن الريح تحتي - أنطولوجي
- من طيبات أبي الطيب على قلق كأن الريح تحتي • Turki Aldakhil - تركي الدخيل
على قلقٍ كأنَّ الريحَ تحْــتي* بقلم : محاسن الحمصي | دنيا الرأي
والباحث يستخرج هذه التمظهرات والأنواع من حياة
الشاعر وشعره، ويضرب الأمثلة الشعريّة عليها، فيتعدّى البحث الطابع التنظيريّ إلى التطبيقي. وبعد، لا يقتصر القلق على المعنى في شعر بدر شاكر السيّاب، بل يتعدّاه إلى المبنى، وهذا ما يتناوله طالب في الباب الثالث والأخير من بحثه الذي يشغل ستّاً وعشرين صفحةً أي ما نسبته 9 في المئة من البحث، فيرصد، في ثلاثة فصول، انعكاس القلق على الإيقاع الموسيقيّ واللّغة والصّورة الشعريّتين. من طيبات أبي الطيب على قلق كأن الريح تحتي • Turki Aldakhil - تركي الدخيل. يخلص الدّارس، على مستوى الإيقاع الموسيقي، إلى وجود علاقة بين السّطر الشّعريّ والحركة الزّمنيّة فتطول الثّانية بطول الأوّل وتقصر بقصره، وعلاقة بين التّكرار اللّفظيّ والحالة النّفسيّة للشّاعر، وعلاقة بين الوقفات السّاكنة المتكرّرة وحاجة الحركة في الحياة إلى القرار، وعلاقة بين أحرف المدّ المكرّرة وإشباع اللّحظة الشّعوريّة. ويستنتج أنّ الشّاعر يوظّف الإيقاع في خدمة المعنى وإغنائه. ويخلص، على مستوى اللّغة الشّعريّة، إلى ريادة السّيّاب في شحن المفردة بطاقة جديدة من خلال دقّة الاختيار وحسن الاستعمال، وإلى براعته في التّركيب والجمع بين المتضادّات ما يغني التّخييل اللّفظي. وعلى الرغم من الوثبة التي يحقّقها الشّاعر، على هذا الصّعيد، فإنّ الدّارس يشير إلى سقوطه في الاستخدام التّقليديّ / التّراثيّ للمفردات، أحياناً.
محمود عميرة - على قلق كأن الريح تحتي - أنطولوجي
- لم انتبه إلى أنها تجاوزت منتصف الليل.. لكنها ليالي رمضان، و المبدعون يحبّون السهر والكتابة ليلا...
- لا أعتقد بأنّ الوقت مناسب للعمل. هذا وقت راحتي..!! أغلق الهاتف،وغرق في صمتٍ جريحٍ...
من طيبات أبي الطيب على قلق كأن الريح تحتي &Bull; Turki Aldakhil - تركي الدخيل
لم انتبه إلى أنها تجاوزت منتصف الليل.. لكنها ليالي رمضان، و المبدعون يحبّون
السهر والكتابة ليلا...
لا أعتقد بأنّ الوقت مناسب للعمل. هذا وقت راحتي..!! أغلق الهاتف،وغرق في صمتٍ جريحٍ...
ويتّخذ كلّ طرف من هذه الثنائية مجموعةً من التمظهرات، الزمانية والمكانية والبشرية. يتمظهر الواقع في: الحاضر، المدينة، الجسد، الحبيبة، والعامّ. ويتمظهر المثال في: الماضي، الريف، الروح، الأمّ، والخاصّ. على أنّ المفارق أنّ الشاعر الذي يضيق ذرعاً بالواقع وتمظهراته، يتطلّع إلى المثال وتمظهراته، لكنّه لا يجدها، فالماضي ذهب إلى غير رجعة، وجيكور لم تعد جيكور، والروح أثقلتها أعباء الجسد، والأمّ ماتت، والخاصّ انتهكه العامّ، ما يضاعف غربة الشاعر واغترابه، على غير مستوى، ويجعل منه ضحيّة الواقع ووقائعه القاسية، من جهة، وضحيّة المثال واستحالة تحقيقه، من جهة ثانية. محمود عميرة - على قلق كأن الريح تحتي - أنطولوجي. ويتمظهر القلق السيّابيّ في الغربة، على أنواعها، وتتراوح بين: غربة الشاعر الناجمة عن خصوصيّته وحياة الإنسان المعاصر وترجّحه بين الفرديّ والجماعي، وغربة النفس الناجمة عن رومنسيّته، وفشله في الحب، وخيباته في النضال، ومرضه. وغربة الأرض الناجمة عن ابتعاده عن جيكور، وتنقّله بين: بقيع وبغداد والرمادي وإيران والكويت وبيروت ولندن وباريس، بدواعي زواج الأب والتعلّم والعمل ومطاردة السلطة له والعلاج. ويتمظهر أيضاً في قلق الموت بأنواعه: الرومنسيّ، المخلّص، الرمزيّ والأسطوريّ، والواقعي.
كأيّ شيء مستغنى عنه، تستخدم في ما بعد لأغراض أخرى. الفكرة مطروقة لهذا تغاضى عنها، ومزق المسودة...
فكّر في الكتاب الذي استنزف كل مدخراته، في الرواية المشرقيّة المقرّرة على التلاميذ- والتي سيقرأونها رغمًا عنهم- وثمنها الخرافيّ وعدد الطبعات التي لم يحلم بها أيّ كاتب عربي من قبل.. في حين تصفرّ أغلفة الكتب وأوراقها خلف واجهات مكتبات كئيبة...
كل هذه الهواجس تدفعه دفعًا إلى البحث عن أيّ تعيسٍ سيّء الحظ يفجّر في وجهه غيظ وتعب يومه..
اخترق صدره الهواء الرطب داخل مقر الجريدة. مازح السكرتيرة:
- لحسن الحظ أنّي لم أجدك عصرًا..
كان يفكر وهو في طريقه إلى الجريدة أن يقول لها: " هاتِ النسخة، لا أريد أن يكتب عنها أحد ولا بيعها.. اغربوا عن وجهي جميعا..!! ". - قلت لكَ صباحًا: تعامل ببرود مع كل شيء.. صحتك أغلى من كل شيء. انشغل مع صاحب الجريدة في حديث عن مشاكل الطباعة، ونفقات التنقل وأشياء أخرى ، وعده بأن يطّلع رئيس التحرير على الكتاب، ولن يكتب عنه أيّ شيء قبل الاطلاع عليه. داعب دواخله بعض الأمل، وأحس ببعض الحيوية. مساء، تناول هاتفه الجوّال:
- أهلا، مساء الخير. كيف الحال؟
جاءه الصوت متثائبا:
- كم الساعة الآن؟!