إنا كل شيء خلقنـــــــــــــ ــ ـــاه بقدر في ظل التحديات التي تواجه الدعوة الإسلامية اليوم، وهي تحديات عدة: • تحديات تتمثل في ضخامة حجم الانحراف في الأمة والبعد عن منهج الله تبارك وتعالى. • وتحديات تتمثل في الفساد الهائل في الأمة في الميادين الإدارية والسلوكية. • وتحديات تتمثل في الأمراض الاجتماعية المتغلغلة فيا لأمة، وفشو الفقر والأمية و التخلف. • وتحديات تتمثل في التخلف الحضاري والتقني الذي تعاني منه الأمة، وتأخرها عن ركب الأمم الأخرى. • وتحديات تتمثل في مشكلات تعاني منها الدعوة الإسلامية كالفرقة والتناحر والصراع بين فصائل العمل الإسلامي، والخلط في مناهج التغيير وبرامج الإصلاح. تفسير إنا كل شيء خلقناه بقدر [ القمر: 49]. • وتحديات و تحديات… إن الحديث عن هذه التحديات والعقبات يطول، ويصعب على امريء استقصاؤه وحصره، وهو حديث كثيراً ما نطرقه ونثيره ونحن نتجاذب أطراف الحديث حول قضية الإصلاح والتغيير. ومع الإيمان بأهمية إدراك حجم التحديات وضخامتها، وضرورة وضع الأمور في نصابها الصحيح دون تهوين، إلا أن المبالغة، أو التركيز في الحديث على جانب معين من المشكلة يؤدي إلى نتائج في الاتجاه المعاكس.
- تفسير إنا كل شيء خلقناه بقدر [ القمر: 49]
تفسير إنا كل شيء خلقناه بقدر [ القمر: 49]
قال أبو ذر رضي الله عنه: قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: الأعمال إلينا والآجال بيد غيرنا; فنزلت هذه الآيات إلى قوله: إنا كل شيء خلقناه بقدر فقالوا: يا محمد يكتب علينا الذنب ويعذبنا ؟ فقال: أنتم خصماء الله يوم القيامة. روى أبو الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مجوس هذه الأمة المكذبون بأقدار الله إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم وإن لقيتموهم فلا تسلموا عليهم. خرجه ابن ماجه في سننه. وخرج أيضا عن ابن عباس وجابر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صنفان من أمتي ليس لهم في الإسلام نصيب: أهل الإرجاء والقدر. وأسند النحاس: وحدثنا إبراهيم بن شريك الكوفي قال حدثنا عقبة بن مكرم الضبي قال حدثنا يونس بن بكير عن سعيد بن ميسرة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القدرية الذين يقولون الخير والشر بأيدينا ليس لهم في شفاعتي نصيب ولا أنا منهم ولا هم مني. وفي صحيح مسلم أن ابن عمر تبرأ منهم ولا يتبرأ إلا من كافر ، ثم أكد هذا بقوله: والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر.
والباء في قوله بِقَدَرٍ للملابسة. أى: خلقناه ملتبسا بتقدير حكيم، اقتضته سنتنا ومشيئتنا في وقت لا يعلمه أحد سوانا...
الثانية: قوله تعالى: إنا كل شيء قراءة العامة كل بالنصب. وقرأ أبو السمال " كل " بالرفع على الابتداء. ومن نصب فبإضمار فعل وهو اختيار الكوفيين; لأن " إن " تطلب الفعل فهي به أولى ، والنصب أدل على العموم في المخلوقات لله تعالى; لأنك لو حذفت " خلقناه " المفسر وأظهرت الأول لصار إنا خلقنا كل شيء بقدر. ولا يصح كون خلقناه صفة لشيء; لأن الصفة لا تعمل فيما قبل الموصوف ، ولا تكون تفسيرا لما يعمل فيما قبله. الذي عليه أهل السنة أن الله سبحانه قدر الأشياء; أي علم مقاديرها وأحوالها وأزمانها قبل إيجادها ، ثم أوجد منها ما سبق في علمه أنه يوجده على نحو ما سبق في علمه ، فلا يحدث حدث في العالم العلوي والسفلي إلا وهو صادر عن علمه تعالى وقدرته وإرادته دون خلقه ، وأن الخلق ليس لهم فيها إلا نوع اكتساب ومحاولة ونسبة وإضافة ، وأن ذلك كله إنما حصل لهم بتيسير الله تعالى وبقدرته وتوفيقه وإلهامه ، سبحانه لا إله إلا هو ، ولا خالق غيره; كما نص عليه القرآن والسنة ، لا كما قالت القدرية وغيرهم من أن الأعمال إلينا والآجال بيد غيرنا.