الطلاق الثلاث
قال الشيخ في « مطلب الطلاق بالثلاث في لفظ واحد »:
ومنها: قولهم: أنّ من طلّق إمرأته بالثلاث في لفظ واحد لا يقع شيء ، وهذا مخالف للأحاديث الصحيحة وإجماع أهل الإسلام ، فانّهم أجمعوا علىٰ وقوع الطلاق ، وإنّما اختلافهم في عدد الطلاق أهي واحدة أم ثلاث... وروىٰ البيهقي عن مسلمة بن جعفر الأحمس قال: قلت لجعفر بن محمّد: أن قوماً يزعمون أنّ من طلّق ثلاثاً بجهالة ردّ إلىٰ السنة ، يجعلونها واحدة يروونها عنكم ، قال: معاذ الله أن يكون هذا من قولنا ، من طلّق ثلاثاً فهو كما قال!! وتعرف بهذا وأضرابه إفتراء الرافضة الكذبة علىٰ أهل البيت وأنّ مذهبهم مذهب أهل السنّة والجماعة... فهؤلاء الإماميّة خارجون عن السنّة بل عن الملّة واقعون في الزنا... (١). طلق امرأته وقال : طلاقاً لا رجعة فيه - الإسلام سؤال وجواب. هذه فرية أُخرىٰ من إفتراءات شيخ الوهابيّة علىٰ الشيعة ، وهذه كتبهم في الحديث والفقه تملأ الخافقين كلّها تكذّب مقالته ، فالشيعة أيضاً يقولون بوقوع الطلاق إذا طلّق الرجل إمرأته بالثلاث ، ولكنّهم يعتبرونها طلقة واحدة ، وهم متّفقون علىٰ ذلك بالإجماع ، لكنّ فقهاء أهل السنّة هم الذين اختلفوا في كونها طلقة واحدة أو ثلاث. ومذهب الشيعة في ذلك يوافق كتاب الله وسنة نبيّه صلّى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته عليهم السلام ، ففي كتاب الله ، قوله عزّ من قائل: ( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) (٢) ، وقوله تعالىٰ ( فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) (٣).
- طلق امرأته وقال : طلاقاً لا رجعة فيه - الإسلام سؤال وجواب
- حكم من قال لزوجته مطلقة بالثلاث الخلع لا فيها رجعة - موقع الألفة
طلق امرأته وقال : طلاقاً لا رجعة فيه - الإسلام سؤال وجواب
متّفق عليه ، ولم يكن في شيء من ذلك جمع الثلاث (٨). ومن عجب أن يخالف الشيخ محمّد بن عبد الوهاب مذهب أُستاذه ابن تيميّة الذي لم يجز إيقاع الطلاق الثلاث بلفظ واحد ، حيث قال: وأمّا جمع الثلاث بكلمة ، فهذا كان منكراً عندهم إنّما يقع قليلاً فلا يجوز حمل اللفظ المطلق علىٰ القليل المنكر دون الكثير الحقّ ولا يجوز أن يقال يطلق مجتمعات لا هذا ولا هذا ، بل هذا قول بلا دليل بل هو خلاف الدليل (٩). ومعلوم أنّ إمضاء الطلاق الثلاث كان من عند عمر بن الخطاب ، فقد أخرج مسلم عن ابن عبّاس قال: كان الطلاق علىٰ عهد رسول الله وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر ، طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم (١٠). وبهذا يتبيّن أن الإماميّة ليسوا هم الخارجون عن السنّة المخالفون لها كما يدّعي الشيخ! الهوامش
١. رسالة في الرد علىٰ الرافضة: ٤١ ـ ٤٢. ٢. سورة البقرة: ٢٢٩. ٣. سورة البقرة: ٢٣٠. حكم من قال لزوجته مطلقة بالثلاث الخلع لا فيها رجعة - موقع الألفة. ٤. وسائل الشيعة ٢٢ / ٦٢ كتاب الطلاق: باب إن من طلّق مرّتين أو ثلاثاً أو أكثر مرسلة من غير رجعة وقعت واحدة مع الشرائط. ٥. المصدر السابق ٢٢ / ١٧. ٦. وسائل الشيعة ٢٢ / ٢٢.
حكم من قال لزوجته مطلقة بالثلاث الخلع لا فيها رجعة - موقع الألفة
ولو لم يشهد علىٰ رجعته كما ذكرناه ويقول فيها ما شرحناه ، وعاد إلىٰ إستباحة زوجته فوطأها قبل خروجها من عدّتها أو قبلها أو أنكر طلاقها ، لكان بذلك مراجعاً لها ، وهدم فعاله هذا حكم عدّتها ، وإنّما ندب إلىٰ الاشهاد علىٰ الرجعة وسُنّ له ذلك إحتياطاً فيها لثبوت الولد منه واستحقاقه الميراث بذلك ، ودفع دعاوىٰ المرأة استمرار الفراق المانع للزوج من الإستحقاق. ومتىٰ تركها حتىٰ تخرج من عدّتها فلم يراجعها بشيء ـ ممّا وصفناه ـ فقد ملكت نفسها ـ وهو كواحد من الخطاب ـ إن شاءت أن ترجع إليه رجعت بعقد جديد ومهر جديد ، وإن لم تشأ الرجوع إليه لم يكن له عليها سبيل. وهذا الطلاق يسمّىٰ طلاق السنة (٧). هذا هو رأي الشيعة في الطلاق عامة وطلاق الثلاث ، وهو ـ كما نرىٰ ـ موافق لكتاب الله وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وأن الشيعة ليسوا بخارجين عن السنّة ، بل هم أهلها الحقيقيّون ، وحاشاهم من الفرىٰ القبيحة التي يرميهم بها شيخ الوهابيّة. ولنا أن نذكر مثالاً عن رأي أهل السنّة في مسألة الطلاق ، حتّىٰ نعلم عدم تمسّك الشيخ محمّد بن عبد الوهاب بالكتاب والسنّة. قال بهاء الدين المقدسي: ولا يحلّ جمع الثلاث ، ولا طلاق المدخول بها في حيضتها ، أو في طهر أصابها فيه ، لما روي عن ابن عمر أنّه طلّق إمرأة له وهي حائض ، فذكر ذلك عمر لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: « مُرهُ فليراجعها ثمّ يمسكها حتّىٰ تطهر ثمّ تحيض ثمّ تطهر ، فان بدا له أن يطلقها فليطلّقها قبل أن يمسّها ».
الحمد لله. "هذا فيه تفصيل ؛ إذا كان الطلاق الأول ، الذي راجعها فيه طلقة واحدة ، ثم طلق هذا
الطلاق ، فإن هذا الطلاق يحسب طلقة واحدة أيضاً ، فتكون ثانية ، ولو قال فيه: لا
رجعة فيه ، فإن الصواب ؛ أنه في حكم الواحدة فقط ، ولو قال فيه: بائناً ، أو قال:
لا رجعة فيه ، أو قال: بالثلاث ، بلفظ واحد ؛ فإن الصواب الذي نفتي به ، والثابت
عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في حديث ابن عباس أن: (طلاق الثلاث ـ بلفظ واحد
ـ كان يجعل واحدة ، على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى عهد الصديق أبي بكر
رضي الله عنه ، وعلى عهد عمر رضي الله عنه ، في أول خلافته). تضاف الطلقة الأولى ، يكون الجمع اثنتين ، ويكون له المراجعة ، ما دامت في العدة ـ
ما دامت حبلى ـ فيراجعها ما دامت في العدة ، ويبقى لها طلقة واحدة. أما
إذا كان الطلاق السابق الذي راجع فيه طلقتين ، فليس له الرجوع بعد ذلك ؛ لأن هذه
تكون الثالثة ، فيتم الثلاث ، وليس له الرجوع ، وهذا هو قول أهل العلم" انتهى. سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1793).