بل انظر حولَك! نظرات الشفقة تبدو على تلك الوجوه الشاحبة، ونظرات التشفِّي على وجوهٍ أخرى، وعلى طاولات نقاشاتهم للعبرة -القاسية- أنت مثال. انظر ماذا صار إليه، إياك بنيَّ فلا تُشفق! عن عمره فيما افناه وعن شبابه فيما ابلاه. هذا عمره فيما أفناه، ظنَّ بأنَّ الوطن يُطعمُ خبزًا فجاع، ظنَّ بأنَّ الحقَّ سيجلبُ مالًا فافتقر، ويكملُ ذلك "الحكيمُ" مواعظَه المكرورة، ويلعنُ طريقَ الطامحين كلَّما تراءيتَ له، يخشى الاقتراب، يخشى سماعَ الحقيقة، يخشى أنْ يرى صورة التقصير في نفسه حين يراك، ولذلك لا بدَّ من توظيف نظرية المؤامرة، وربما شيطنتك، وربَّما أنْ يعظك في ثياب الواعظين، ويتلو عليك الشواهد، ويسائلكَ أينَ وصلت، هل تزوجت هل أنجبت؟ هل تملك بيتًا أو وظيفة؟ أيعقلُ أنَّك لا تزال تسعى يا بنيَّ! دعكَ ممَّا أنتَ مشغولٌ فيه، فالكلُّ قد باعَ القضيَّة، وماذا باستطاعتنا أنْ نفعلَ أصلًا! والله غفورٌ رحيم، لا عليك فإنَّه يعلمك سرَّك ونجواك، أنا أريدُ مصلحتَك، وينتفخُ ليتلو عليكَ بيانَه المكذوب والذي لم يبدأه ببسلمة أو استعاذة، يحكي بطولاتٍ وصولات، وأنَّه في النهاية لم يلقَ شيئًا وبجرَّة لسان: كلَّهم كاذبون، اهتمَّ بنفسك فقط! ولكنَّ يقينًا لمْ يتزحزح، { وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ۖ}، والكفرُ ضروبٌ، ليس خروجًا من ملَّة بل كفرٌ بسبيل الحقِّ وكفرٌ بالقضية!
الدرر السنية
رَوى ابنُ حِبَّانَ والترمذيُّ في جامِعِه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: " لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ ". ( الأنبياءُ لا يُسألونَ هذهِ الأسئلةَ الأربعةَ، يُسألونَ لإظهارِ شَرَفِهم هل بلَّغتم). المعنى أنَّ الإنسانَ لا تزولُ قدمَاهُ عن موقفِ الحسابِ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عن أربعٍ. يُسألُ عن عُمُرِهِ فيما أفناهُ أي ماذا عملتَ منذُ بلغتَ، أدَّيتَ ما فرضَ اللهُ عليكَ واجتنبتَ ما حرَّمَ عليكَ فإنْ كانَ قد فَعَلَ ذلكَ نجا وسَلِمَ وإنْ لم يكنْ فعلَ ذلكَ هَلَكَ. عمره فيما أفناه ! للعلامة الشنقيطي - YouTube. ويُسألُ عن جسدِهِ فيما أبلاهُ فإنْ أبلاهُ في طاعةِ اللهِ سَعِدَ ونجا مع النَّاجينَ وإنْ أبلَى جَسَدَهُ في معصِيَةِ اللهِ خَسِرَ وهَلَكَ. ويُسأَلُ عَنْ عِلْمِهِ ماذَا عملَ فيهِ أي يُسألُ هل تعلّمتَ عِلْمَ الدِينِ الذي فَرضَهُ اللهُ عليكَ لأنَّ العِلْمَ الدِّينِيَّ قِسمانِ فمنْ تعلمَ القِسمَ الضَّروريَّ وعمِلَ بِهِ سَعِدَ ونَجا، ومنْ أهْملَ العملَ بعدَ أنْ تعلّمَ خَسِرَ وخابَ وهلكَ، وكذلكَ منْ لا يتعلّمُ فهوَ أيضًا من الهالكين.
عمره فيما أفناه ! للعلامة الشنقيطي - Youtube
مقارنة مع جاء في كتاب هذه الممرضة الاسترالية وما جاء في الحديث الشريف يتبين أنهم يغفلون أن الله يسأل الانسان أياً كان عن عُمُرِهِ فيما أفناهُ لأنَ وجودَ الانسانِ بإيجادِ اللهِ نعمةٌ فَيُسألُ العبدُ عنْ هذهِ النِّعمةِ. اللهُ أنعمَ عليناِ بالوجودِ فيسألُ عنْ هذهِ النعمةِ، الله يسألنا "فيما أفْنَيْتَ عُمُرَكَ" وهنا سر الوجود.. وسلامتكم.
نطاق البحث
جميع الأحاديث
الأحاديث المرفوعة
الأحاديث القدسية
آثار الصحابة
شروح الأحاديث
درجة الحديث
أحاديث حكم المحدثون عليها بالصحة، ونحو ذلك
أحاديث حكم المحدثون على أسانيدها بالصحة، ونحو ذلك
أحاديث حكم المحدثون عليها بالضعف، ونحو ذلك
أحاديث حكم المحدثون على أسانيدها بالضعف، ونحو ذلك
المحدث
الكتاب
الراوي:
تثبيت خيارات البحث