وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ (17) قوله: وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى قوله تعالى: وما تلك بيمينك قيل: كان هذا الخطاب من الله تعالى لموسى وحيا ؛ لأنه قال: فاستمع لما يوحى ولا بد للنبي في نفسه من معجزة يعلم بها صحة نبوة نفسه ، فأراه في العصا وفي نفسه ما أراه لذلك. ويجوز أن يكون ما أراه في الشجرة آية كافية له في نفسه ، ثم تكون اليد والعصا زيادة توكيد ، وبرهانا يلقى به قومه. واختلف في ما في قوله وما تلك فقال الزجاج والفراء: هي اسم ناقص وصلت ب ( يمينك) أي ما التي بيمينك ؟ وقال أيضا: تلك بمعنى هذه ؛ ولو قال: ما ذلك لجاز ؛ أي ما ذلك الشيء: ومقصود السؤال تقرير الأمر حتى يقول موسى: هي عصاي ؛ ليثبت الحجة عليه بعد ما اعترف ، وإلا فقد علم الله ما هي في الأزل. وقال ابن الجوهري وفي بعض الآثار أن الله تعالى عتب على موسى إضافة العصا إلى نفسه في ذلك الموطن ، فقيل له: ألقها لترى منها العجب فتعلم أنه لا ملك عليها ولا تنضاف إليك. وقرأ ابن أبي إسحاق ( عصي) على لغة هذيل ؛ ومثله ( يا بشرى) و ( محيي) وقد تقدم. القران الكريم |قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ. وقرأ الحسن ( عصاي) بكسر الياء لالتقاء الساكنين.
- القران الكريم |قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ
القران الكريم |قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ
ومثل هذا قراءة حمزة ( وما أنتم بمصرخي). وعن ابن أبي إسحاق سكون الياء. الثانية: في هذه الآية دليل على جواب السؤال بأكثر مما سئل ؛ لأنه لما قال وما تلك بيمينك يا موسى ذكر معاني أربعة وهي إضافة العصا إليه ، وكان حقه أن يقول عصا ؛ والتوكؤ ؛ والهش ، والمآرب المطلقة. فذكر موسى من منافع عصاه عظمها وجمهورها وأجمل سائر ذلك. وفي الحديث سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ماء البحر فقال: هو الطهور ماؤه الحل ميتته. وسألته امرأة عن الصغير حين رفعته إليه فقالت: ألهذا حج ؟ قال: نعم ولك أجر. ومثله في الحديث كثير. الثالثة: قوله تعالى: أتوكأ عليها أي أتحامل عليها في المشي والوقوف ؛ ومنه الاتكاء. وأهش بها ( وأهش) أيضا ؛ ذكره النحاس. اعراب وما تلك بيمينك يا موسى. وهي قراءة النخعي ، أي أخبط بها الورق ، أي أضرب أغصان الشجر ليسقط ورقها ، فيسهل على غنمي تناوله فتأكله. قال الراجز: أهش بالعصا على أغنامي من ناعم الأراك والبشام [ ص: 107] يقال: هش على غنمه يهش بضم الهاء في المستقبل. وهش إلى الرجل يهش بالفتح وكذلك هش للمعروف يهش وهششت أنا: وفي حديث عمر: هششت يوما فقبلت وأنا صائم. قال شمر: أي فرحت واشتهيت. قال: ويجوز هاش بمعنى هش. قال الراعي: فكبر للرؤيا وهاش فؤاده وبشر نفسا كان قبل يلومها
أي طرب.
وَقَوْله: { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى} يَقُول: وَليَ في عَصَايَ هَذه حَوَائج أُخْرَى, وَهيَ جَمْع مَأْرُبَة, وَفيهَا للْعَرَب لُغَات ثَلَاث: مَأْرُبَة بضَمّ الرَّاء, وَمَأْرَبَة بفَتْحهَا, وَمَأْربَة بكَسْرهَا, وَهيَ مَفْعَلَة منْ قَوْلهمْ: لَا أَرَب لي في هَذَا الْأَمْر: أَيْ لَا حَاجَة لي فيه. وَقيلَ " أُخْرَى " وَهُنَّ مَآرب جَمْع, وَلَمْ يَقُلْ أُخَر, كَمَا قيلَ: { لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى} 20 8 وَقَدْ بَيَّنْت الْعلَّة في تَوْجيه ذَلكَ هُنَالكَ. وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في مَعْنَى الْمَآرب, قَالَ أَهْل التَّأْويل. ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ: 18147 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْدَة الضَّبّيّ, قَالَ: ثنا حَفْص بْن جُمَيْعٍ, قَالَ: ثنا سمَاك بْن حَرْب, عَنْ عكْرمَة, عَنْ ابْن عَبَّاس, في قَوْله: { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى} قَالَ: حَوَائج أُخْرَى قَدْ عَلمْتهَا. * - حَدَّثَني عَليّ, قَالَ: ثنا عَبْد اللَّه, قَالَ: ثني مُعَاويَة, عَنْ عَليّ, عَنْ ابْن عَبَّاس, قَوْله { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى} يَقُول: حَاجَة أُخْرَى. 18148 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو, قَالَ: ثنا أَبُو عَاصم, قَالَ: ثنا عيسَى; عَنْ ابْن أَبي نَجيح عَنْ مُجَاهد { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى} قَالَ: حَاجَات.