وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح {لا أقسم بهذا البلد} قال: مكة {وأنت حل بهذا البلد} قال: أحلت له ساعة من نهار. وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك مثله. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة {لا أقسم بهذا البلد} قال: مكة {وأنت حل بهذا البلد} قال: أنت به غير حرج ولا آثم. وأخرج عبد بن حميد عن عطية {لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد} قال: أحلت مكة للنبي صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار ثم حرمت إلى يوم القيامة. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {وأنت حل بهذا البلد} قال: أحلها الله لمحمد صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار يوم الفتح. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {وأنت حل بهذا البلد} يعني محمداً صلى الله عليه وسلم يقول: أنت حل بالحرم فاقتل إن شئت أو دع. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عطاء {لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد} قال: إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض، فهي حرام إلى أن تقوم الساعة، لم تحل لبشر إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار، ولا يختلي خلاها، ولا يعضد عضاهها، ولا ينفر صيدها، ولا تحل لقطتها إلا لمعرف. فصل: سورة البلد:|نداء الإيمان. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد {وأنت حل بهذا البلد} قال: لم يكن بها أحد حلاً غير النبي صلى الله عليه وسلم كل من كان بها حرام لم يحل لهم أن يقاتلوا فيها، ولا يستحلوا حرمه.
- تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٩١
- لقد خلقنا الانسان في كبد - إسلام أون لاين
- فصل: سورة البلد:|نداء الإيمان
تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٩١
ولقد خلقنا الإنسان في كبد للشعراوي، خلق الله الإنسان في مكابدة، والمكابدة هي المجاهدة، فلا يزال الإنسان في جهاد في الدنيا. ومكابدة ومقاساة من شدائدها، حتى يموت، ولا تنتهي المكابدة بموته، بل إنه يظل في مكابدة حتى ينجو من ظلمة القبر، وسؤال الملكين، ثم يكابد أهوال يوم القيامة،
كل هذا قد جعل الله لنا منه نجاة، وفي هذا المقال سنتحدث عن الآية الكريمة (ولقد خلقنا الإنسان في كبد) وتفسيرها للشعراوي. الإعجاز الإلهي في سورة البلد
للإمام الشعراوي كلمات كالدرر في هذا الباب فيفسر لنا الإمام رضي الله عنه آيات تلك السورة كالآتي:
( فلا أقسم بهذا البلد). فيقول: أقسم رب العزة بالبلد الحرام؛ وذلك لحرمتها وتشريفها عند الله؛ لأنها بيته الحرام، وبلد رسول الله صلى الله عليه وسلم
(وأنت حل بهذا البلد). تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٩١. وهو قسم رب العزة أيضا بالبلد الذي أنت تقيم فيه يا محمد تشريفاً لك، وتعظيماً لقدرك. (ووالد وما ولد). يقسم رب العزة بكل والد وكل مولود لعظيم قدر الأب عند الله. ثم لعظم قدر أمه في الولادة والنسل وتكرارها حتى قيام الساعة. (لقد خلقنا الإنسان في كبد). إن الإنسان سيظل في مكابدة الدنيا وشدائدها حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
لقد خلقنا الانسان في كبد - إسلام أون لاين
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ (4) وقوله: ( لقد خلقنا الإنسان في كبد) روي عن ابن مسعود ، وابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد ، وإبراهيم النخعي ، وخيثمة ، والضحاك ، وغيرهم: يعني منتصبا - زاد ابن عباس في رواية عنه - في بطن أمه. والكبد: الاستواء والاستقامة. ومعنى هذا القول: لقد خلقنا الإنسان سويا مستقيما كقوله: ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك) [ الانفطار: 6 ، 7] ، وكقوله ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) [ التين: 4]. وقال ابن [ أبي نجيح] عن جريج وعطاء عن ابن عباس: في كبد ، قال: في شدة خلق ، ألم تر إليه.. لقد خلقنا الانسان في كبد - إسلام أون لاين. وذكر مولده ونبات أسنانه. قال مجاهد: ( في كبد) نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة يتكبد في الخلق - قال مجاهد: وهو كقوله: ( حملته أمه كرها ووضعته كرها) وأرضعته كرها ، ومعيشته كره ، فهو يكابد ذلك. وقال سعيد بن جبير: ( لقد خلقنا الإنسان في كبد) في شدة وطلب معيشة. وقال عكرمة: في شدة وطول. وقال قتادة: في مشقة. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عصام ، حدثنا أبو عاصم ، أخبرنا عبد الحميد بن جعفر ، سمعت محمد بن علي أبا جعفر الباقر سأل رجلا من الأنصار عن قول الله: ( لقد خلقنا الإنسان في كبد) قال: في قيامه واعتداله.
فصل: سورة البلد:|نداء الإيمان
انتهى. وذهب العلامة ابن عاشور إلى وجه آخر في الإنسان، ففسره بالكافر، وفسر الكبد بما هو فيه من العناء بسبب التكذيب بالحق. قال -رحمه الله-: فَالَّذِي يَلْتَئِمُ مَعَ السِّيَاقِ وَيُنَاسِبُ الْقَسَمَ، أَنَّ الْكَبَدَ التَّعَبُ الَّذِي يُلَازِمُ أَصْحَابَ الشِّرْكِ مِنِ اعْتِقَادِهِمْ تَعَدُّدَ الْآلِهَةِ. وَاضْطِرَابُ رَأْيِهِمْ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ ادِّعَاءِ الشُّرَكَاءِ لِلَّهِ -تَعَالَى- وَبَيْنَ تَوَجُّهِهِمْ إِلَى اللَّهِ بِطَلَبِ الرِّزْقِ، وَبِطَلَبِ النَّجَاةِ إِذَا أَصَابَهُمْ ضُرٌّ. ان خلقنا الانسان في كبد. وَمِنْ إِحَالَتِهِمُ الْبَعْثَ بَعْدَ الْمَوْتِ مَعَ اعْتِرَافِهِمْ بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ. فَقَوْلُهُ: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ. [ليس] دَلِيلا مَقْصُودا وَحْدَهُ، بَلْ هُوَ تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ: أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ... اهـ. وبكل حال فالإشكال مندفع بحمد الله، وحسبك أن تؤمن إذا أشكل عليك في حكمة الله -تعالى- شيء، بأنه -تعالى- لا يسأل عما يفعل، وذلك لكمال حكمته وعدله، جل ربنا وتقدس. والله أعلم.
التصنيف: تصفّح المقالات