وهو حديث علمنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يكون منا التوكل الصحيح على خالقنا سبحانه وتعالى ،وهو الرزاق ذو القوة المتين حين لفت أنظارنا إلى كيفية إطعام الله عز وجل الطير بتيسير الأسباب إلى حصوله على طعامه وقد انطلق غدوة جائعا ثم عاد طاعما رواحا. وحسب من تأمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أن يطمئن كل الاطمئنان بالتوكل على خالقه سبحانه وتعالى في كل أحواله ، ويعلم أن ما لم يتحقق مما تمناه سيعوضه ربه عز وجل عنه خيرا منه. تشبيهاتٌ قرآنية- ١: في معنى قَولِ اللهِ تعالى “وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ” – التصوف 24/7. وأخيرا نقول من قاس نفسه على ما اشترط الله تعالى في كمال الإيمان ،فليحمد ربه على ذلك ، وليمضي في نفس النهج بعد انصراف أيام رمضان المعدودات ، ومن فاته شيء من ذلك، فليغتنم العشر الأواخر من هذا الشهر الفضيل ، وقد أخفى فيها الله تعالى ليلة هي خير من ألف شهر ليرقى بإيمانه أعلى المراقي لبلوغ كماله. اللهم يا خالقنا الكريم، ويا مالك زمام أمورنا ، ويا متحكما في قلوبنا نسألك الوجل إذا ذكرناك ، ونسألك مزيد إيمان إذا سمعنا آياتك تتلى علينا أو تلوناها ، ونسألك حسن التوكل عليك ، ونسألك جائزة الصيام والقيام مغفرة وعفوا منك ، وعتقا من النار ، يا من يسمع ويرى ، ويا قريب، ويا مجيب من دعاه ، ومن اضطر إلى دعائه.
رسالة شكر وعرفان من الصحفي سيدي أحمد باب | الفكر
وهذا التسديد والتوفيق للمحافظ على النوافل من أهم أسباب الثبات. أما بعد: فاتقوا الله وأطيعوه { وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة: 281]. هذا؛ وإن من أسباب الثبات على الدين: مصاحبة الأخيار وملازمة الصالحين؛ فإنهم يعينون العبد على الثبات والصبر، ويذكرونه إذا نسي، وينبهونه إذا غفل، ويقوونه إذا ضعف، ويعلمونه ما جهل، ويزهدونه في الدنيا ، ويرغبونه في الآخرة. رسالة شكر وعرفان من الصحفي سيدي أحمد باب | الفكر. وأما مصاحبة الفجار والأشرار فإنها سبب للانتكاس وعدم الثبات؛ لأنهم أهل أهواء وشهوات، ويوقعون من صاحبهم فيها، فيعجز عن الثبات { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28]. وفي قصة الرجل الذي قتل مائة نفس، وتاب من ذنوبه؛ أشار عليه العالم الناصح أن يفارق أرضه؛ لما فيها من الأشرار إلى أرض صالحة يسكنها صالحون فقال له: « انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللهَ فَاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ، فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ » رواه الشيخان.
تأملات في سورة الأعلى
من عظيم نعم الله على الإنسان أن وهبهم الحواس لإدراك كل ما ينتمي إلى عالم الشهادة، وأعظم منه أن وسع مداركه لتشمل ما لا يستطيع التوصل إليه مما ينتمي إلى عالم الغيب عن طريق الوحي؛ الذي جاء ليشبع حاجة الإنسان لمعرفة ما وراء الحس، وليميزه عن غيره من باقي مخلوقاته الحيوانية، وليقدم أجوبة عن أسئلة ما بعد انفصال الروح عن الجسد، باعتبار هذا حقيقة ماثلة للعيان ينعدم في الوجود من ينكرها حتى المرضى بالحياة ممن ادعى أن الموت عدم، وبه ينتهي الإنسان وتنتهي معه المعرفة، فلا حقيقة فوق حقيقة الحياة. هذه الأجوبة ورثت اليقين الذي لا يلابسه ريب بوجود حياة أخرى ميزتها الديمومة واللانهاية في النعيم أو الجحيم، بحسب ما قدمت الأيدي في التي فنت وقضت، وبحسب ما به الصحف ملئت، بعد وقفة أمام من له الخلق والأمر. الحقيقة العظمى إذن هي أن الإنسان إلى زوال عن الدنيا ومنه إلى الإقامة في الأخرى، ثم ماذا بعد؟ هل هي نتيجة حتمية وانتهى، أم أن هذه الحقيقة هي مجرد بداية للوقوف، بل الجلوس، لحل معادلة ليست صعبة على كل من وهبه الله عقلا فطنا؟ هل نحن أمام اختيار بين متضادين دنيا أو أخرى، أم أمام متلازمتين كتلازم المقدمات والنتائج عند المناطقة، أو كتلازم المبتدإ والخبر عند اللغويين؟
علمنا الوحي أن اليقين في الحياة الآخرة هو الذي يعطي معنى للحياة الدنيا، وأن الحياة الدنيا هي الأمر الحاسم المحدد للحياة الآخرة، يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ (النبأ، 40).
تشبيهاتٌ قرآنية- ١: في معنى قَولِ اللهِ تعالى “وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ” – التصوف 24/7
هناك مساحة تشابه في تشبيه الحياة الدنيا بنبات ازدهر بنزول المطر عليه وازدهرت معه الدنيا بنعيمها وفي الآية الأولى ـ انتهت فجأة وهي في قمة ازدهارها. اما في الآية الثانية اكتملت دورة الحياة فيها ثم انتهت أيضا للزوال والفناء. وهذا حالنا فبعضنا يشيخ ويكبر ثم يموت والبعض يموت فجأة وفي كلا الحالين ، نهايتنا إلى زوال. تنتهي هذه الحياة لننتقل من دار الدنيا إلى القبر تمهيدا لقيام الساعة والحساب. ثم المحسن إلى الجنة والمسيء إلى النار. ♦ ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 24]. ويقول تعالى: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [الحديد: 20].
{وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ} - طريق الإسلام
والله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولكن لا نقول إلا مايرضى الرب. إنا لله وإنا إليه راجعون
سيد أحمد ولد محمدو ولد باب
أكدرنيت: فاتح مارس 2022
أخبرت صحف إبراهيم – عليه السّلام–وفق ما ذكر القرآن الكريم في سورة الأعلى بقوله تعالى:{بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)} [الأعلى: 16-19]. بأنه رغم الإشارات إلى دور الإنسان الإصلاحي في الأرض والبشارات لمن عمل صالحاً والوعيد للكافرين والظالمين والفاسقين، وأن الحنيفية هي الميل من الباطل إلى الحقّ والمداومة على ذلك الحق، إلا أن الإنسان سيميل ويقدم الحياة الدنيا على كل ذلك – إلا من رحم ربك- وسيؤثر الحياة الدنيا ويركن إليها، وهو مأمور بأن لا تكون هذه الدنيا هدفه، وغاية مُناه؛ لأنها دار فناء وليس بقاء، وما هي إلا لهو ولعب، قال تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ}]العنكبوت:64[.