امتازت أهل السنة والجماعة في مسائل الدين أصوله وفروعه بخصائص جعلتها أكثر موافقة للحق وإصابة له، وسأذكر هنا طرفًا من ذلك:
الخاصية الأولى: وحدة المصدر:
فوحدة المصدر من أميز مناهج أهل السنة والجماعة وخصائصهم، وبيان ذلك في كلمات أقولها الآن، وهي: أن السلف الصالح -رضوان الله تعالى عليهم أجمعين- كانوا لا يتلقون أمور دينهم إلا عن مشكاة النبوة، فلا يعتمدون على العقل أو الذوق أو الكشف، بل هذه الأمور إن صحت ووافقت الصحيح كانت معضدة لحجة السمع، وأعني بحجة السمع الكتاب والسنة؛ فكيف إذا عارضت هذه الأمور دلائل الكتاب والسنة وكانت أكثرها جهالات وخيالات فاسدة. ولذلك كيف أن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- أنكر على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- النظر في صحيفة من التوراة، والتوراة كتاب منزل من عند الله -عز وجل- ولكن التحريف قد شابهه ووقع فيه، ومع ذلك فهو بلا شك بما فيه من بعض الكلمات الصحيحة التي لم تُغير، ولم تُبدل أفضل من كثير من الأقيسة العقلية، والخيالات الصوفية. روى الإمام أحمد في مسنده، عن عبد الله بن ثابت -رضي الله عنه- أنه قال: ((جاء عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: يا رسول الله، إني مررت بأخ لي من قريظة؛ فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك؟ قال: فتغير وجه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال عبد الله: فقلت له: ألا ترى ما بوجه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-؟!
تحميل كتاب التربية على منهج أهل السنة والجماعة Pdf - مكتبة اللورد
من هم أهل البدع
من غير الجائز أن يتم الحكم على أحد المسلمين بأنه مبتدع، إلا بالحالة التي يكون بها قد اتبع أحد أنواع البدع التي تنطوي على مخالفة لكتاب الله وسنة رسوله الكريم، وكذلك فقد ذكر الشيخ ابن تيمية رحمة الله عليه (والبدعة التي يعد بها الرجل من أهل الأهواء ما اشتهر عند أهل العلم بالسنة مخالفتها للكتاب والسنة كبدعة الخروج، والروافض، والقدرية، والمرجئة، فإن عبد الله بن المبارك، ويوسف بن أسباط وغيرهما قالوا: أصول اثنتين وسبعين فرقة هي أربع: الخوارج، والروافض، والقدرية، والمرجئة، قيل لابن المبارك: فالجهمية؟ قال: ليست الجهمية من أمة محمد – صلى الله عليه وسلم). والجهمية هم من يقصد بهم (نفاة الصفات) بمعنى أنهم من يدعون أن القرآن مخلوق، وإنه لا تتم رؤية الله سبحانه تعالى في الآخرة، وإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتم العروج به إلى الخالق سبحانه، وأن الله لا جل وعلا لا قدرة له، ولا علم، ولا حياة، وما إلى نحو ذلك من أمور الضلال والكفر. كما يدعي ذلك المتفلسفة، والمعتزلة واتباعهم، وفي ذلك قد ذكر عبد الرحمن بن مهدي: أن المبتدعة صنفان، فاحذروهما: الرافضة والجهمية، إذ أن هذان الصنفان شرار أهل البدع، و أصول القديم من البدع خمسة وهي: الإرجاء، إنكار القدر، التجهم، الخروج، والرفض)، والبدعة، وللبدع العديد من الصور إذ أنها قد تتم بإحداث زيادة ليست بالدين ومن ثم جعلها من الدين، مثلما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)، أو أن تكون من خلال حذف ما هو من الدين مثل بدعة من يقوم بإنكار السنة، وقولهم أن حسبهم هو كتاب الله فقط والتي تعد أمثلة على البدع المنتشرة في المجتمع.
وقالوا أيضاً. ليس لله فرح، وليس لله غضب، وليس لله عجب. وقالوا أيضاً: ليس لله فعل: لا استواء على العرش، ولا نزول إلى السماء الدنيا. بل بالغوا حتى قالوا: إن الله ليس عالياً فوق خلقه، وإنما علوه علوُّ صفة وعلو معنوي، وليس علوًّا ذاتيّاً.
أحمدهُ سبحانَه وأشكرهُ وأُثني عليهِ الخيرَ كلَّه، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريكَ له، الكريمُ الجوادُ، وأشهدُ أنَّ نبيَّنا وحبيبَنا وقدوتَنا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، كان قدوةَ الخلقِ في عبادِة ربِّه فكانَ عبدًا شكورًا، صلى اللهُ عليه وآلهِ وصحبهِ، والتابعينَ لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ وسلَّم تسليماً كثيراً. تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام. أما بعدُ:
فيأيها المسلمون والمسلمات، أُهنّئكم بعيدِ الفطرِ المباركِ، وأسألُ اللهَ جل وعلا أن يعيدَه علينا وعليكم بالأمنِ والإيمانِ، والسلامةِ والإسلامِ، وأن يَحلَّ علينَا من بركاتِ العيدِ. وأُوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ، فهي وصيتُه جلَّ وعلا لخلقه أجمعين، قال تعالى:{ولقد وصينا الذين من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله}(النساء). عباد الله: ها نحنُ قد ودَّعنا شهرنَا الحبيبَ إلى قلوبِنا بعد أن كنَّا نستعِّد لاستقبالِه بالأمسِ القريبِ، لقد حلَّ علينا ضيفاً كريماً وها هو قد غادَرنا كما جاءَنا. مضى رمضانُ ببركاتِه ونسماتِه الطيبةِ وعبيرهِ الشجيِّ، ومضى كلُّ تعبٍ وبذلٍ وعطاءٍ قدَّمه الصالحونَ فيه، صاموا، وقاموا، وأنفقوا، وعمروا أوقاتَهم بتلاوةِ كتاب ربِّهم، وسحَّتْ عيونهُم بالدموعِ راجينَ الرحمةَ والعفوَ والمغفرةَ من ربِّهم.
معايدة عيد الفطر 2022.. تقبل الله منكم الصيام والقيام صحيفة الدستور : برس بي
وعليكُّن بعدمِ الاغترارِ بمَا يُعرضُ من الفتنِ والشبهاتِ من أجلِ إفسادكُنَّ، وعليكُنَّ بصدِّ محاولاتِ أهلِ الباطلِ الذين يبذلونَ الغالي والثمينَ من أجلِ إخراجكنَّ من أماكنِ الطهرِ والعفافِ، إلى أماكنِ العريِّ والفسادِ. وعلى كلِّ أمٍّ أن تحرصَ على بناتِها من التبرجِ والسفورِ والتعطرِ عند خروجهِن للاستراحاتِ أو التنزهِ في الأماكنِ العامةِ، لئلا يتعرضن لما لا يُحمدُ عقباه. وهُنا أسجلُ كلمة شكرٍ ووفاءٍ لكلِ أمٍّ ربَّت بناتِها على السترِ والعفافِ والحشمةِ، ولكل أبٍ تابعَ بيتهُ وحرصَ عليِه وبناهُ على الخيرِ والتقوى. كما أسجل كلمة شكر لهؤلاء الشباب الصغار في محافظتهم على الصلوات، ومنها صلاة التراويح، وأسأل الله تعالى أن يجعلهم قرة عي لوالديهم. تقبل الله منا ومنكم الصيام. تقبَّل اللهَ منا ومنكم الصيامَ والقيامَ وسائرِ الأعمالِ الصالحاتِ، وأعادَ علينَا وعليكم رمضانَ وعيدَ الفطرِ ونحنُ في صحةٍ وسلامٍ وأمنٍ وأمانٍ، وعزٍّ للإسلامِ والمسلمين. اللهم من عمَّر هذا المسجد عمارة حسية أو عمره بالطاعة، ومن أم الناس فيه في فريضة أو تراويح أو تهجد، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وارفع درجاته، وزدهم رفعة في الدنيا والآخرة، واجمعنا بهم ووالدينا في الجنات.
خطبة (عيد الفطر المبارك) 1-10-1439هـ. الأربعاء 8 جمادى الآخرة 1440ﻫ 13-2-2019م
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله الذِي لا يُرْجَى إلا فَضْلُه، وَلا رَازِقَ غَيرُه. الحمدُ لله كثِيرًا طَيبا مبَارَكًا فيه غيرَ مكْفِيِّ لاَ مُوَدَّعٍ ولاَ مُسْتغنى عَنه رَبنا. لك الحَمْـدُ أَكْمَلُهُ، ولك الثَّـنَاءُ أجْمَلُهُ، ولك القـَوْلُ أبْلَغُهُ، ولك العِلْمُ أحْكَمُهُ، ولك السُّلْطَانُ أقْوَمُهُ، ولك الجَلالُ أعْظَمُهُ. اللَّهُمَّ لك الحَـمْدُ حَتَّى تَرْضَى، ولك الحَـمْدُ إذَا رَضِيْتَ، ولك الحَمْدُ بَعْدَ الرِّضَا. اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ. اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ. اللهُ أكبرُ كبيراً ، والحمدُ للهِ كثيراً، وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلاً. الحمدُ للهِ عددَ ما ذكرهُ الذاكرونَ، وسبَّحهُ المسبحونَ. تقبل الله الصيام والقيام. وعددَ ما صامَ الصائمونَ، وما تلى القرآنَ القارؤون، الحمدُ للهِ عددَ ما بذلَ المحسنونَ، وأثنى عليهِ الشاكرونَ. الحمدُ للهِ الذي جعلنا مسلمينَ، وهدانا إلى صراطِه المستقيمِ، ووفَّقنا لطاعتِه في شهرهِ الكريمِ، وبشَّر الصالحينَ برحمتِه وجنَّتِه، فشكرَ سعيهُم، وأعطاهم سؤلَهم، وأثابَهم بجزيلِ فضلهِ وثوابهِ وأجرهِ.