فقال عمر: لأعلمنّ لكم شأنه، قال: فدخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: يا رسول الله أطلّقتهنّ؟ قال: لا. قلتُ: يا رسول الله إني دخلتُ المسجد، والمسلمون يقولون: طلّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه! أفأنزل فأخبرهم أنكَ لم تطلّقهنّ؟ قال: نعم إنْ شئتَ. فقمتُ على باب المسجد، وناديتُ بأعلى صوتي: لم يطلّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه»! القرطبي: « قال علماؤنا: هذه الآية متصلة بمعنى ما تقدّم من المنع من إيذاء النبيّ صلى الله عليه وسلم، وكان قد تأذّى ببعض الزوجات. قيل: سألنه شيئًا من عرض الدنيا. وقيل: زيادة في النفقة (…). فأمر صلى الله عليه وسلم أن يخيّر نساءه فاخترنه. وجملة ذلك أن الله سبحانه خيّر النبيّ صلى الله عليه وسلم بين أن يكون نبيًا ملكًا وعرض عليه مفاتيح خزائن الدنيا، وبين أن يكون نبيًا مسكينًا، فشاور جبريل، فأشار عليه بالمسكنة فاختارها، فلمّا اختارها وهي أعلى المنزلتين، أمره الله عز وجل أن يخيّر زوجاته، فربما كان فيهنّ مَن يكره المقام معه على الشدّة تنزيهًا له (…). يا ايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء. روى البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم، عن جابر بن عبد الله قال: دخل أبو بكر يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد الناس جلوسًا ببابه، لم يؤذن لأحد منهم، قال: فأذن لأبي بكر فدخل، ثم جاء عمر فاستأذن فأذن له، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا حوله نساؤه واجمًا ساكتًا!
- ياأيها النبي قل لأزواجك
- يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن
- فصل: إعراب الآية رقم (37):|نداء الإيمان
- إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة آل عمران - قوله تعالى فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا - الجزء رقم3
ياأيها النبي قل لأزواجك
فقال: والله لأقولنّ شيئًا يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة فقمتُ إليها فوجأتُ عنقها، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: هنّ حولي كما ترى يسألنني النفقة! فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها، وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها، كلاهما يقول: تسألنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده! فقلن: والله لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا أبدًا ليس عنده. ثم اعتزلهنّ شهرًا أو تسعًا وعشرين، ثم نزلتْ عليه هذه الآية:(يا أيّها النبي قلْ لأزواجك) حتى بلغ (للمحسنات منكنّ أجرًا عظيمًا). و إن كنتن تردن الله و رسوله و الدار الآخرة - مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. قال: فبدأ بعائشة فقال: يا عائشة! إني أريد أن أعرض عليك أمرًا أحبّ ألا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك. قالت: وما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية. قالتْ: أفيكَ يا رسول الله أستشير أبويّ! بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة، وأسألك ألا تُخبر أمرأة من نسائك بالذي قلتُ. قال: لا تسألني امرأة منهنّ إلا أخبرتُها، إنّ الله لم يبعثني مُعنتًا ولا متعنتًا، ولكن بعثني مُعلمًا مُيسرًا (…). قال العلماء: وأما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أن تشاور أبويها لأنه كان يحبّها، وكان يخاف أن يحملها فرط الشباب على أن تختار فراقه!
يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن
(يا أيّها النبيّ قُلْ لأزواجكَ إنْ كنتنّ تُردنَ الحياةَ الدنيا وزينتَها فتعالينَ أمتّعْكنّ وأسرّحْكنّ سراحًا جميلاً. وإنْ كنتنّ تُردْنَ اللهَ ورسولَه والدارَ الآخرةَ فإنّ اللهَ أعدّ للمُحسناتِ منكنّ أجرًا عظيمًا) الأحزاب 28-29. لم يقل: إنْ كنتنّ تردنَ الحياةَ الدنيا أمتعكنّ وأسرحكنّ. قال الألوسي:
«(فتعالينَ) أي: أقبلنَ بإرادتكنّ واختياركنّ لإحدى الخصلتين، كما يقال: أقبلَ يخاصمني، وذهب يكلمني، وقام يهددني. وأصل: (تعالَ) أمر بالصعود لمكان عال، ثم غلب في الأمر بالمجيء مطلقًا. ياأيها النبي قل لأزواجك. والمراد ها هنا ما سمعت. وقال الراغب: قال بعضهم: إن أصله من العلوّ، وهو ارتفاع المنزلة، فكأنه دعاء إلى ما فيه رفعة، كقولك: افعل كذا غير صاغر، تشريفًا للمقول له. وهذا المعنى غير مراد هنا، كما لا يخفى». لم يقل:
أعدّ لكنّ أجرًا عظيمًا. إظهار بعد إضمار. أقوال المفسرين
البغوي: « سبب نزول هذه الآية أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم سألنه شيئًا من عرض الدنيا، وطلبن منه زيادة في النفقة، وآذينه بغيرة بعضهن على بعض، فهجرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآلى أن لا يقربهن شهرًا، ولم يخرج إلى أصحابه، فقالوا: ما شأنه؟ وكانوا يقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه!
⁕ حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، قال: ثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، قال: قالت عائشة: لما نزل الخيار، قال لي رسول الله ﷺ: "إنّي أُريدُ أنْ أذْكُرَ لَكِ أمْرًا فَلا تَقْضِي فِيهِ شَيْئا حتى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ". الباحث القرآني. قالت: قلت: وما هو يا رسول الله؟ قال: فردّه عليها. فقالت: ما هو يا رسول الله؟ قال: فقرأ عليهنّ ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا... ﴾ إلى آخر الآية، قالت: قلت: بل نختار الله ورسوله، قالت: ففرح بذلك النبيّ ﷺ. ⁕ حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا محمد بن بشر، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: لما نزلت آية التخيير، بدأ النبيّ ﷺ بعائشة، فقال: "يا عائشة، إنّي عارضٌ عَلَيْكِ أمْرًا، فَلا تَفْتَاتي فِيهِ بشَيء حتى تَعْرِضِيهِ على أبَوَيْكِ أبي بَكْرٍ وأُمّ رُومانَ" فقالت: يا رسول الله وما هو؟ قال: "قال الله ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا﴾ إلى ﴿عَظِيمًا﴾ فقلت: إني أريد الله ورسوله، والدار الآخرة، ولا أؤامر في ذلك أبويّ أبا بكر وأمّ رومان، فضحك رسول الله ﷺ، ثم استقرأ الحُجَرَ فقال: "إن عائشة قالت كذا"، فقلن: ونحن نقول مثل ما قالت عائشة.
[ ص: 235] فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا. تفريع على الدعاء مؤذن بسرعة الإجابة ، وضمائر النصب لمريم. ومعنى تقبلها: تقبل تحريرها لخدمة بيت المقدس ، أي أقام الله مريم مقام منقطع لله تعالى ، ولم يكن ذلك مشروعا من قبل. وقوله: بقبول حسن الباء فيه للتأكيد ، وأصل نظم الكلام: فتقبلها قبولا حسنا ، فأدخلت الباء على المفعول المطلق ليصير كالآلة للتقبل فكأنه شيء ثان ، وهذا إظهار للعناية بها في هذا القبول ، وقد عرف هذا القبول بوحي من الله إلى زكرياء بذلك ، وأمره بأن يكفلها زكرياء أعظم أحبارهم ، وأن يوحى إليه بإقامتها بعد ذلك لخدمة المسجد ، ولم يكن ذلك للنساء قبلها ، وكل هذا إرهاص بأنه سيكون منها رسول ناسخ لأحكام كثيرة من التوراة; لأن خدمة النساء للمسجد المقدس لم تكن مشروعة. فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا. ومعنى وأنبتها نباتا حسنا أنشأها إنشاء صالحا. وذلك في الخلق ونزاهة الباطن ، فشبه إنشاؤها وشبابها بإنبات النبات الغض على طريق الاستعارة ، ونبات مفعول مطلق لـ " أنبت " وهو مصدر " نبت " وإنما أجري على " أنبت " للتخفيف.
فصل: إعراب الآية رقم (37):|نداء الإيمان
دل قوله: { كلما دخل عليها زكرياء المحراب وجد عندها رزقاً} على كلام محذوف ، أي فكانت مريم ملازِمة لخدمة بيت المقدس ، وكانت تتعبد بمكان تتخذه بها مِحراباً ، وكان زكرياء يتعهد تعبدها فيرى كرامةً لها أنّ عندها ثِماراً في غير وقت وجود صنفها. و { كلّما} مركّبة من ( كُلَ) الذي هو اسم لعموم ما يضاف هو إليه ، ومن ( مَا) الظرفية وصلتِها المقدّرةِ بالمصدر ، والتّقدير: كلّ وقتتِ دُخوللِ زَكرياء عليها وجد عندها رزقاً. وانتصب كل على النيابة عن المفعول فيه ، وقد تقدم عند قوله تعالى: { كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا من قبل} في سورة [ البقرة: 25]. فصل: إعراب الآية رقم (37):|نداء الإيمان. فجملة وجد عندها رزقاً حال من زكرياء في قوله { وكفَلها زكرياء} [ آل عمران: 36]. ولك أن تجعل جملة { وجد عندها رزقاً} بدلَ اشتمال من جملة { وكفّلها زكريّاء}. والمحراب بناء يتّخذه أحد ليخلو فيه بتعبده وصلاته ، وأكثر ما يتخذ في علوّ يرتقي إليه بسلّم أو درج ، وهو غير المسجد. وأطلق على غير ذلك إطلاقات ، على وجه التشبيه أو التوسّع كقول عمر بن أبي ربيعة:... دمْيةٌ عند راهب قسيس صوّرُوها في مذبح المحراب... أراد في مذبح البيعةِ ، لأنّ المحراب لا يجعل فيه مذبح.
إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة آل عمران - قوله تعالى فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا - الجزء رقم3
(وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ) أي: أسميت هذه الأنثى مريم. • قال الرازي: أن ظاهر هذا الكلام يدل على ما حكينا من أن عمران كان قد مات في حال حمل حنة بمريم، فلذلك تولت الأم تسميتها، لأن العادة أن ذلك يتولاه الآباء. اعراب فتقبلها ربها بقبول حسن. ثم قال: أن مريم في لغتهم: العابدة، فأرادت بهذه التسمية أن تطلب من الله تعالى أن يعصمها من آفات الدين والدنيا. • قال ابن كثير: فيه دلالة على جواز التسمية يوم الولادة كما هو الظاهر من السياق؛ لأنه شرع من قبلنا، وقد حكي مقررًا، وبذلك ثبتت السنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال (وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ وَلَد سَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أبِي إبْرَاهِيمَ". أخرجاه.
إعراب الآية 37 من سورة آل عمران - إعراب القرآن الكريم - سورة آل عمران: عدد الآيات 200 - - الصفحة 54 - الجزء 3. (فَتَقَبَّلَها رَبُّها) الفاء عاطفة وفعل ماض ومفعول به وربها فاعل وقرئ بالنصب على النداء أي تقبلها يا ربها (بِقَبُولٍ) متعلقان بتقبل (حَسَنٍ) صفة. إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة آل عمران - قوله تعالى فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا - الجزء رقم3. (وَأَنْبَتَها نَباتًا حَسَنًا) فعل ماض ومفعول به ونباتا مفعول مطلق (حَسَنًا) صفة. (وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا) فعل ماض والهاء مفعوله الأول وزكريا مفعوله الثاني والفاعل مستتر تقديره الله والجملة معطوفة (كُلَّما) ظرف متعلق بالجواب وهو فعل وجد وجملة (دَخَلَ) في محل جر بالإضافة (دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ) فعل ماض وفاعل ومفعول به والجار والمجرور متعلقان بدخل (وَجَدَ عِنْدَها رِزْقًا) فعل ماض والفاعل هو ومفعوله والظرف متعلق بوجد أو بحال محذوفة من رزقا. والجملة جواب شرط غير جازم. (قالَ) فعل ماض فاعله مستتر (يا مَرْيَمُ) منادى مفرد علم مبني على الضم (أَنَّى) اسم استفهام في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بمحذوف خبر (لَكِ) متعلقان بمحذوف خبر (هذا) اسم إشارة مبتدأ والجملة مقول القول: (قالَتْ) الجملة مستأنفة (هُوَ مِنْ عِنْدِ الله) هو مبتدأ من عند متعلقان بمحذوف خبر ولفظ الجلالة مضاف إليه (إِنَّ الله يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ) إن ولفظ الجلالة اسمها وجملة يرزق خبرها من اسم موصول مفعول به وجملة يشاء صلة الموصول لا محل لها (بِغَيْرِ حِسابٍ) متعلقان بيرزق والجملة (إِنَّ الله) استئنافية.