يقول ابن القيم رحمه الله: "شَبّه الله سبحانه الكلمة الطيبة -كلمة التوحيد - بالشجرة الطيبة لأن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح، والشجرة تثمر الثمر النافع". الكلمة الطيبة هي حياة القلب ، وهي روح العمل الصالح، فإذا رسخت في قلب المؤمن وانصبغ بها { صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} [البقرة:138] وواطأ قلبُه لسانَه، وانقادت جميعُ أركانه وجوارحه، فلا ريب أن هذه الكلمة تؤتي العمل المتقبَّل { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر:10]. والكلمة الطيبة هي كلمة الحق ثابتة الجذور، سامقة الفروع لا تُزعزعها أعاصير الباطل، ولا تحطِّمها معاول الهدم والطغيان، تقارع الكلمةُ الطيبةُ كلمةَ الباطل فتجتثّها فلا قرار لها ولا بقاء، لا بل { يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء:18]. الكلمة الطيبة حيَّةٌ نابضة، لا تموت ولا تذوي، لأن بذورها تنبت في النفوس المؤمنة الثابتة على الإيمان ، المتجددة بتجدد الأجيال، التي تعرف حقيقة وجودها ومعالم طريقها، والتي بها { يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ} [إبراهيم:27].
وقولوا للناس حُسنًا - طريق الإسلام
[٦] [٤] على الجانب الآخر، فإنَّ الزوجة أيضاً مكلَّفةٌ بإسماع زوجها الكلام الطيب من الثناء عليه وشُكره على ما يُقدّمه لها ولأبنائها، بالإضافة إلى مُراعاة آداب الكلام والاستماع بينهما أثناء الحوار والنقاش الذي يدور بينهما، فيستمع أحدهما للآخر من غير انشغالٍ بشيءٍ؛ كالمُكالمات الهاتفيّة، أو الكتابة، أو النوم، وغير ذلك من الانشغالات التي قد تعترض الإنسان. [٤] وقد بيّن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أنَّ الكلمة الطيبة من الصدقات التي يُثاب الإنسان على قولها. فقد جاء في الحديث الصحيح قوله: (كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ تَطْلُعُ فيه الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، ويُعِينُ الرَّجُلَ علَى دابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عليها، أوْ يَرْفَعُ عليها مَتاعَهُ صَدَقَةٌ، والكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، ويُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ). [٧]
وتشمل الكلمة الطيبة كُلُّ ما فيه تقرُّبٌ إلى الله -تعالى- من الأقوال؛ كالأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر، أو ذكر الله -تعالى- بأي صيغةٍ من صيغ الذكر؛ كالتسبيح أو التكبير أو التحميد، وكذلك ردِّ السلام، وتعليم العلم النافع.
ما هي اثر الكلمة الطيبة في الاسلام - موقع فكرة
فالخوف من العقاب والحب في الثواب يتجاذبان المؤمن حتى يهدياهُ إلى طريق الحق والصواب. والكلمة الطيبة تؤلف قلوب الناس جميعًا من كل طبقة وصنف، وفي كل مكان وزمان؛ ولذا أرشد الرحمن أهل الإسلام إلى الأخذ بالأسباب في هذا المقام؛ فقال تعالى: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ [الإسراء: 53]. فسلاح المؤمن في محاربة العداوات الشيطانية بشرية أو جنية بالكلمة الطيبة، فحسن الكلام ذهب بكل خير وفضيلة، فلم يبق للكلمة السيئة إلا قول لقمان الحكيم: "إن من الكلام ما هو أشد من الحجر، وأنفذ من وخز الإبر، وأمر من الصبر، وأحر من الجمر، وإن من القلوب مزارع، فازرع فيها الكلمة الطيبة، فإن لم تنبت كلها ينبت بعضها". اللهم اجعل صمتنا فكرة، ونظرنا عبرة، وكلامنا ذكرًا، واستغفروا الله إن الله غفور رحيم.
أثر الكلمة الطيبة - موضوع
اقرأ أيضاً أنواع الأموال الربوية أنواع الربا
شرح حديث (الكلمة الطيبة صدقة)
الكلمة الطيبة هي عماد الدعوة، وسبب قبول الحق، وقد جاءت هذه العبارة في عدة أحاديث منها:
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ تَطْلُعُ فيه الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، ويُعِينُ الرَّجُلَ علَى دابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عليها، أوْ يَرْفَعُ عليها مَتاعَهُ صَدَقَةٌ، والكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، ويُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ). [١]
حديث عدي بن حاتم الطائي -رضي الله عنه- قال: أنَّ رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- ذَكَرَ النَّارَ فَتَعَوَّذَ منها، وَأَشَاحَ بوَجْهِهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ قالَ: (اتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ، فإنْ لَمْ تَجِدُوا، فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ). [٢] وأصل الطيب ما تستلذه الحواس، والكلمة الطيبة من أفضل أعمال الخير، [٣] قال الله -تعالى-: ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ)، [٤] وقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ الكلمة الطيبة صدقة؛ لأنّ بين إعطاء المال للمحتاج وبين الكلام الطيب وجه تشابه، وهو أنّ كلاهما يفرح قلب صاحبه.
وفضلاً عن ذلك، فإننا إن حافظنا على الكلام الطيب فإننا نقي أنفسنا من غائلة الكلمة التي إذا خرجت من الفم غير موزونة، فإن تبعاتِها كبيرة، فإنه يكون مؤاخذاً بها، فإنها لك ما لم تخرج منك، ولذلك ورد في الحديث: «وهل يُكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم»، وكما قال الشاعر: احفظ لسانك أيها الإنسانُ * لا يلدغنك إنه ثعبانُ كم في المقابر من قتيل لسانه * كانت تخاف لقاءه الشجعانُ ولذلك حث المصطفى، عليه الصلاة والسلام، أمته بقوله: «مَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ، فليَقُلْ خَيْراً أو ليَسكُتْ». فكل هذا يدل على خطر الكلمة وأهميتها «شرف الرجل في كلمته.. دين الإنسان في كلمة.. بداية الخلق كانت بكلمة.. أبواب السماء تفتح بكلمات.. أقفال القلوب تكسر بكلمات.. العقول ترقى بالكلمة الجميلة.. النفوس والهمم تشحذ بكلمة صادقة.. كلماتنا تمثل أخلاقنا وقيمنا ومروءتنا». فلنجعل كلامنا لنا لا علينا، ولنجعل كلامنا موزوناً راقياً، حتى نكون في مأمن من غائلة الكلمة. واحفظ لسانك واحترس من لفظه * فالمرء يسلم باللسان ويعطَب وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن * ثرثارةً في كل ناد تخطب
وقد أخبر الله -تعالى- في كتابه العزيز أنَّه يرفع الكلام الطيب إليه بقوله: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ). [١٣] وحثَّنا الله -تعالى- على الإكثار منها وقولها، سواءً على الصعيد العائليّ، أو الاجتماعيّ، أو الدعويّ؛ لما لها من تأثير في قُلوب الآخرين ونُفوسهم، وإدخال السعادة عليهم، فيجعلهم أكثر تقبُلاً لقائلها وما يدعو إليه. [١٤]
الدعاء
ارفعوا أكفّكم موقنين بالإجابة: [١٥]
اللهم آتنا في الدُنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار يا كريم. اللهم ألهمنا الكلام الطيب، واجعل ما نقوله خيراً لنا ولإخواننا المُسلمين، واجعلنا مفاتيح للخير ومغاليق للشر يا أكرم الأكرمين. اللهمَّ إنِّا نسألُك الجنَّةَ وما قرَّب إليها من قولٍ أو عملٍ، ونعوذُ بك من النارِ وما قرَّب إليها من قولٍ أو عملٍ. اللهم يا مُقلب القُلوب ثبت قُلوبنا على دينك، اللهم يا مُصرف القُلوب ثبت قُلوبنا على طاعتك. اللهم أعزَّ الإسلام والمُسلمين، وانصر كتابك ودينك وسُنّة نبيك وعبادك المؤمنين. اللهم إنّا نسألك العفو والعافية واليقين في الأولى والآخرة، اللهم إنّا نسألك الهُدى والتُقى والعفاف والغنى، والفوز بالجنة والنجاة من النار يا عزيزُ يا غفار.
قال تعالى "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" صدق الله العظيم. يثبت دخول شهر رمضان بحالتين: إما برؤية هلال شهر رمضان ، أو بإكمال شهر شعبان بثلاثين يوماً، وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين".
يثبت دخول شهر رمضان وأثره في
السؤال: بما يثبت دخول شهر رمضان وخروجه، وما حكم من رأى الهلال وحده عند دخول الشهر أو خروجه؟
الجواب: يثبت دخول الشهر وخروجه بشاهدي عدل فأكثر، ويثبت دخوله فقط بشاهد واحد، لأنه ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا [1]. وثبت عنه ﷺ أنه أمر الناس بالصيام بشهادة ابن عمر رضي الله عنهما، وبشهادة أعرابي، ولم يطلب شاهدًا آخر عليه الصلاة والسلام. والحكمة في ذلك والله أعلم، الاحتياط للدين في الدخول والخروج، كما نص على ذلك أهل العلم، ومن رأى الهلال وحده في الدخول أو الخروج ولم يعمل بشهادته، فإنه يصوم مع الناس، ويفطر مع الناس، ولا يعمل بشهادة نفسه في أصح أقوال أهل العلم؛ لقول النبي ﷺ: الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون [2]. والله ولي التوفيق [3]. رواه أحمد في (مسند الكوفيين) حديث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم 18416، والنسائي في (الصيام) باب قبول شهادة الرجل الواحد على شهر رمضان برقم 2116. يثبت دخول شهر رمضان وأثره في. رواه الترمذي في (الصوم) باب ما جاء: الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون برقم 697. نشر في كتاب (تحفة الإخوان) لسماحته ص 162، (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 15/ 63). فتاوى ذات صلة
يثبت دخول شهر رمضان بـ :
[2]
شاهد أيضًا: دعاء اخر يوم الجمعة من شعبان
هل يجوز الاعتماد على الفلك في الصوم
الاعتماد على الحساب الفلكي في تحديد بداية الشهور القمرية وانتهائها لا يجوز، وبخصوص الحديث المشتمل على واجب الفطر مع الناس والصوم معهم، إنما معنى الحديث: أن الفطر والصوم مع الجماعة وعظم الناس، لذا إذا كان يتم الاعتماد على الفلك، وتحديد رمضان بأنه 29 يومًا كل سنة، هو أمر باطل ولا يجوز للناس الامتثال لمثل هذه الأحكام، بل عليهم الاعتماد في فطرهم وصيامهم برؤية هلال رمضان بأنفسهم، وإلا يمكن الاعتماد على أقرب بلد لا يعتمد الحساب الفلكي، وإذا تم صيام 29 يومًا، وتبين أن رمضان 30 يومًا، فيجب قضاء يوم في هذه الحالة.
المقدم: الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على رسوله وعبده. أما بعد: فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم إلى لقاء جديد من لقاءات برنامجكم اليومي فقه أحاديث الصيام. بما يثبت دخول شهر رمضان - موقع مصادر. أرحب في مطلع هذا اللقاء بضيف البرنامج, والذي سيتولى مشكوراً مأجوراً التوضيح والبيان للمسائل الواردة في هذا البرنامج، أرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور: عبد الله بن ناصر السلمي, الأستاذ المشارك في قسم الفقه المقارن في المعهد العالي للقضاء في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, أهلاً بكم صاحب الفضيلة. الشيخ: حياك الله شيخ ناصر, وحيا الله المستمعين والمستمعات. المقدم: إذاً حيا الله شيخنا الكريم، وحياكم الله أينما كنتم، وحيث ما يصلكم أثير إذاعتكم. وحديثنا عن مسائل الصيام ومن أدرك الهلال, ماذا عن مسافر أهل هلال رمضان بالنسبة له في بلده, ثم سافر إلى بلد لم ير الهلال فيه، وماذا عن رجل لم ير الهلال في بلده, ثم قدم إلى بلد وهم صائمون, فما هو الحكم والقول في كلا المسألتين؟ الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد. بداية تحدثنا سابقاً عن مسألة من هل عليه هلال شهر رمضان وهو أهل لوجوبه، وقلنا: إنه يلزمه الصوم والإمساك، وقد ذكرنا مسألة الكافر إذا أسلم, والصبي إذا بلغ, والمجنون إذا أفاق، وقلنا: الصحيح والله تبارك وتعالى أعلم: أنهم يلزمهم الإمساك دون القضاء.