ثم تتحدث الآيات عن احتمالية وقوع الاقتتال بين المؤمنين أنفسهم، لسبب ما، فلا بد من الصلح بينهم. فإن بغت إحدى الطائفتين على الأخرى، فلا بد من لجم الباغية حتى تفيء إلى أمر الله وحكمه. وعندها لا بد من الصلح من جديد، حتى تهدأ النفوس وتعود إلى رشدها. فالمؤمنون إخوة، ولا يجوز للمؤمن أن يسمح لنفسه أن تنزلق في طريق الكفر أو الفسوق أو العصيان، بل الرشد والحكمة ينبغي أن يحضرا ويسيِّرا حياة أحدنا، لا العصبية ولا القبلية ولا النعرات أنى كان موجِّهها. وفي هذا السياق، يأتي النهي عن سخرية بعضنا من بعض، وأن نلمز أنفسنا، وننادي بعضنا بالألقاب التي نكرهها. ويا له من تعبير: "... وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ... " (الحجرات، الآية 11)، حين يوضح النص أننا كنفس واحدة؛ فأي لمز للآخر هو لمز للنفس، وضرره راجع إلى النفس، فالمؤمنون إخوة وجسد واحد. وترشدنا الآيات إلى اجتناب كثير من الظن، بل نحسن الظن عموما، حتى لا نقع في أعراض الناس ونطلق لألسنتنا وظنوننا العنان. كما ترشدنا بأن لا يتجسس بعضنا على بعض؛ ووسائل التجسس اليوم متنوعة. تفسير اية ان اكرمكم عند الله اتقاكم. وأن لا يغتاب بعضنا بعضا بأن يذكر أحدُنا أخاه بما يكره في غيبته. وبعد هذا يأتي قول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى... "، تعقيبا على كل تلك التوجيهات؛ فعلام التفاخر والعجب بالنفس والتكبر على الآخرين، فكلنا مخلوق من آدم، وآدم من تراب، وإن كان من ميزان حقيقي للتفاضل فهو التقوى.
- إِنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أتْقَاكُمْ - صحيفة الاتحاد
- 10 - إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم
- تفسير اية وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا للسعدي والقرطبي - موقع تثقف
إِنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أتْقَاكُمْ - صحيفة الاتحاد
ويظهر سبب ضخم واضح للألفة والتعاون: ألوهية الله للجميع، وخلقهم من أصل واحد. كما يرتفع لواء واحد يتسابق الجميع ليقفوا تحته: لواء التقوى في ظل الله. وهذا هو اللواء الذي رفعه الإسلام لينقذ البشرية من عقابيل العصبية للجنس، والعصبية للأرض، والعصبية للقبيلة، والعصبية للبيت. وكلها من الجاهلية وإليها، تتزيا بشتى الأزياء، وتسمى بشتى الأسماء. وكلها جاهلية عارية من الإسلام! وقال – صلى الله عليه وسلم – عن العصبية الجاهلية: "دعوها فإنها منتنة". وقد حارب الإسلام هذه العصبية الجاهلية في كل صورها وأشكالها، ليقيم نظامه الإنساني العالمي في ظل راية واحدة: راية الله.. لا راية الوطنية. ولا راية القومية. ولا راية البيت. ولا راية الجنس. ان اكرمكم عند الله اتقاكم. فكلها رايات زائفة لا يعرفها الإسلام. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "كلكم بنو آدم، وآدم خلق من تراب. ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم، أو ليكونن أهون على الله تعالى من الجعلان". وهذه هي القاعدة التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي. المجتمع الإنساني العالمي، الذي تحاول البشرية في خيالها المحلق أن تحقق لونا من ألوانه فتخفق، لأنها لا تسلك إليه الطريق الواحد الواصل المستقيم.. الطريق إلى الله.. ولأنها لا تقف تحت الراية الواحدة المجمعة.. راية الله.
10 - إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم
* وهذا عطاء بن أبي رباح الفقيه المعروف الذي كان ينادى عنه في موسم الحج «لا يُفتي الناس إلا عطاء بن أبي رباح»، وذلك لمكانته العلمية، حيث رفع الله قدره بالعلم والدين، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. تلك هي طبيعة المجتمع المسلم، فهذا ديننا وتلك تعاليمه، وهذه أمتنا، وذلك ماضيها. أما آن للبشرية التائهة أن تعود إلى الأصل، إلى الحق، إلى سفينة النجاة التي تقودها إلى حياة كريمة. 10 - إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم. جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الاتحاد 2022©
تفسير اية وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا للسعدي والقرطبي - موقع تثقف
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}: بيان من الله تعالى يذكر جميع خلقه بأنهم من أصل واحد سواسية خلقهم ليجتمعوا على عبادته ونشرهم في الأرض ليتعارفوا ويتعاونوا على مرضاته, وأكرمهم وأعلاهم شأنا عند الله هو أطوعهم وأتقاهم له سبحانه.
وذُكَر على لسان نبينا محمد صلِّ الله عليه وسلم في تفسير هذه الآيه عند ابن كثير حيث فسر قوله تعالى: ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم) أي: إنما تتفاضلون عند الله بالتقوى لا بالأحساب. ، وعن أبي هريرة قال: سئل رسول الله – صلَّ الله عليه وسلم –: أي الناس أكرم ؟ قال: " أكرمهم عند الله أتقاهم ".