وقوله: ( يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) كما قال تعالى: ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) [ آل عمران: 104]. وقوله تعالى: ( ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة) أي: يطيعون الله ويحسنون إلى خلقه ، ( ويطيعون الله ورسوله) أي: فيما أمر ، وترك ما عنه زجر ، ( أولئك سيرحمهم الله) أي: سيرحم الله من اتصف بهذه الصفات ، ( إن الله عزيز حكيم) أي: عزيز ، من أطاعه أعزه ، فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، ( حكيم) في قسمته هذه الصفات لهؤلاء ، وتخصيصه المنافقين بصفاتهم المتقدمة ، فإن له الحكمة في جميع ما يفعله تبارك وتعالى.
القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة التوبة - الآية 71
وهي صفة تسقط عنهم خيرية الأمم، ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110] ، لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صفة ملازمة لأهل الإيمان من خير أمة أخرجت للناس، فهم على النقيض تمامًا، ويظهر ذلك جليًّا في محاربتهم وسخريتهم من كل من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويريدونها حرية وإباحية.
دولة المرابطين - موضوع
(19) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 16938- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية قال: كل ما ذكره الله في القرآن من " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ", فـ " الأمر بالمعروف " ، دعاء من الشرك إلى الإسلام = و " النهي عن المنكر " ، النهي عن عبادة الأوثان والشياطين. 16939-...... قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: (يقيمون الصلاة) ، قال: الصلوات الخمس. -------------------- الهوامش: (14) انظر تفسير " الأولياء " فيما سلف من فهارس اللغة (ولي). القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة التوبة - الآية 71. (15) انظر تفسير " المعروف " فيما سلف ص: 338 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك. (16) ما بين القوسين زدته استظهارًا ، وهو تمام الآية ، أخل به الناسخ، وأسقط تفسيره، كما هو بين من سياق أبي جعفر في تفسيره. انظر تفسير "المنكر" فيما سلف ص: 338، تعليق: 1 ، والمراجع هناك. (17) انظر تفسير " إقامة الصلاة " فيما سلف من فهارس اللغة (قوم). (18) انظر تفسير " إيتاء الزكاة " فيما سلف من فهارس اللغة (أتى). (19) انظر تفسير "عزيز" ، و "حكيم" ، فيما سلف من فهارس اللغة (عزز) ، (حكم).
قال تعالى: ﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 67]. صنف خبيث من الناس يتقن، بل ويتفنَّن في تلك الأساليب الشيطانية، لصرف الناس عن الخير، وحضِّهم على فعل المنكر، ذلك نهج حياتهم، وأعجب من ذلك، أنهم زيَّنوا لكثير من المسلمين ذلك، فوقع في هذا الإثم من أصابتهم الغفلة، واستولى عليهم البَلَهُ، وجَنَت عليهم السَّذاجة. إنهم لا يتخيلون أي معروف إلا ونهوا عنه، وحاولوا الحيلولة بين فعله وبين المؤمنين. راقَبُوا المساجد، وشدَّدوا الحصار على ما يُقال فيها، بينما لم يستطيعوا - عفوًا - لم يفكِّروا فيما يدور في البِيَعِ والأديرة والكنائس، ولا يجرؤون على ذلك. منعوا حكم الله تعالى، وشوَّهوا صورته، وحالوا بين الناس والوصول إليه. حاربوا الحجاب، وباركوا التبرج والسفور. حاربوا الفضيلة، وشجَّعوا اللهو والرقص والاختلاط. دافعوا عن الرِّبا، وحاربوا كل اقتصاد يقوم بنيانه على تقوى من الله تعالى...
إن الشياطين لم يكتفوا بوقوعهم في الإثم ، وانغماسهم في الشرِّ والشهوات، بل دَعَوْا وتمنَّوْا أن يقع المسلمون في الإثم مثلهم، ﴿ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ﴾ [النساء: 89].