وهذه الهجرة هي التي عناها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، ولا تنقطع
التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها "، ذلك لأن الناس لا يزال منهم
قسمان: قسم من أهل الخير والصلاح، وقسم من أهل الشر والضلال والفساد،
فإن غلب أهل الخير على أهل الشر والفساد في عهد من العهود أو في مكان
من الأماكن فهذا هو المراد وذلك هو المطلوب، وفي مثل هذا المجتمع الذي
يقوى فيه أهل الخير والصلاح يستطيع الإنسان المسلم أن يقيم دينه ويعبد
ربه ويأمن على نفسه وعرضه، وتسمى هذه الدار: "دار إسلام
وإيمان". وفي بعض العهود والأوقات والأماكن قد يضعف أهل الإسلام والإيمان،
وتضعف شوكة أهل الصلاح، ويقوى عليهم أهل الشر والفساد، فعلى المسلم أن
يبحث عن مكان وبيئة أصلح من هذه، فيهاجر إليها ويترك هذا المكان الذي
تسلط فيه أهل الكفر والضلال وقويت شوكتهم فيه، وتسمى هذه الدار: "دار
كفر". وأما الهجرة الثانية أو النوع والقسم الثاني: فهو هجرة الحال، وقد
فسره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر
من هجر ما نهى الله عنه "، فالهجرة بهذا المعنى أن يهجر المسلم
السيئات والمعاصي، وأن ينتقل من حال المعصية والبعد عن الله ومخالفة
أمره والتجرؤ على حرماته، إلى حال آخر وهو حال الإقلاع عن المعاصي
والذنوب، وحال القرب من الله والوقوف عند حدوده.
- المسلم من سلم الناس من لسانه ويده انت
- المسلم من سلم المسلمون
- المسلم من سلم الناس من لسانه و يده
المسلم من سلم الناس من لسانه ويده انت
قال المصَنِّفُ: وفيه [1] عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ». معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (المسلم مَن سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده)؛ قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (1 /53): قوله: (المسلم): قيل الألف واللام فيه للكمال، نحو زيد الرجل؛ أي: الكامل في الرجولية، وتعقب بأنه يستلزم أن مَن اتَّصف بهذا خاصةً كان كاملًا، ويجاب بأن المراد بذلك مع مراعاة باقي الأركان. قال الخطابي: المراد أفضل المسلمين من جَمَعَ إلى أداء حقوق الله تعالى، أداء حقوق المسلمين؛ انتهى. وإثبات اسم الشيء على معنى إثبات الكمال له مستفيض في كلامهم. ويحتمل أن يكون المراد بذلك أن يُبين علامة المسلم التي يستدل بها على إسلامه، وهي سلامة المسلمين من لسانه ويده، كما ذكر مثله في علامة المنافق. ص114 - كتاب الأعياد وأثرها على المسلمين - المبحث الثالث إخباره صلى الله عليه وسلم بوقوع المشابهة في أمته - المكتبة الشاملة. ويحتمل أن يكون المراد بذلك: الإشارة إلى الحث على حسن معاملة العبد مع ربه؛ لأنه إذا أحسن معاملة إخوانه، فأَولى أن يُحسن معاملة ربه من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى. قال الحافظ: تنبيه: ذكر المسلمين هنا خرج مخرج الغالب:
لأن محافظة المسلم على كف الأذى عن أخيه المسلم، أشد تأكيدًا، ولأن الكفار بصدد أن يقاتلوا، وإن كان فيهم من يجب الكف عنه، والإتيان بجمع التذكير للتغليب، فإن المسلمات يَدخُلنَ في ذلك؛ اهـ.
المسلم من سلم المسلمون
وفي ذكر اليد دون غيرها من الجوارح نُكتة، فيدخل فيها اليد المعنوية كالاستيلاء على حق الغير بغير حقٍّ. والهجرة ضربان: ظاهرة وباطنة؛ فالباطنة: ترْك ما تدعو إليه النفس الأمَّارة بالسوء والشيطان، والظاهرة: الفرار بالدين من الفتن، وحقيقة الهجرة تحصل لمن هجَر ما نهى الله عنه، فاشتَملت هاتان الجملتان على جوامع مِن معاني الحِكَم والأحكام. والمراد بالناس هنا: المسلمون؛ كما في الحديث الموصول، فهم الناس حقيقة عند الإطلاق؛ لأن الإطلاق يُحمل على الكامل، ولا كمال في غير المسلمين. المسلم من سلم المسلمون. ويمكن حمله على عمومه على إرادة شرط، وهو إلا بحقٍّ، مع أن إرادة هذا الشرط مُتعينة على كل حال؛ لما قدَّمته من استثناء إقامة الحدود على المسلم، والله - سبحانه وتعالى - أعلم؛ [عمدة القاري]. مرحباً بالضيف
المسلم من سلم الناس من لسانه و يده
وفي بعض العهود والأوقات والأماكن قد يضعف أهل الإسلام والإيمان، وتضعف شوكة أهل الصلاح، ويقوى عليهم أهل الشر والفساد، فعلى المسلم أن يبحث عن مكان وبيئة أصلح من هذه، فيهاجر إليها ويترك هذا المكان الذي تسلط فيه أهل الكفر والضلال وقويت شوكتهم فيه، وتسمى هذه الدار: "دار كفر". وأما الهجرة الثانية أو النوع والقسم الثاني: فهو هجرة الحال، وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث::« الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ ». المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده شرح. فالهجرة بهذا المعنى أن يهجر المسلم السيئات والمعاصي، وأن ينتقل من حال المعصية والبعد عن الله ومخالفة أمره والتجرؤ على حرماته، إلى حال آخر وهو حال الإقلاع عن المعاصي والذنوب، وحال القرب من الله والوقوف عند حدوده. والهجرة بالمعنى الأخير، وهو ترك ما نهى الله عنه تشمل النوع السابق بالمعنى الأخير، وهو ترك ما نهى الله عنه، وبيان ذلك أن مما نهى الله أن يقيم المسلم في دار الكفر مقهوراً مغلوباً وهو قادر على ترك هذا المكان إلى غيره مما هو آمن وأصلح منه فتكون هجرته بهجران ما نهى الله عنه وهو الإقامة بين ظهراني الكفار.
والهجرة بالمعنى الأخير، وهو ترك ما نهى الله عنه تشمل النوع السابق
بالمعنى الأخير، وهو ترك ما نهى الله عنه، وبيان ذلك أن مما نهى الله
أن يقيم المسلم في دار الكفر مقهوراً مغلوباً وهو قادر على ترك هذا
المكان إلى غيره مما هو آمن وأصلح منه فتكون هجرته بهجران ما نهى الله
عنه وهو الإقامة بين ظهراني الكفار. 212
58
556, 184